شاب بسيط في الخامسة والعشرين من عمره، تخرج في كلية الحقوق وكان يعمل على تحضير الدراسات العليا، عمل في مناطق مختلفة من أجل مساعدة والده المريض في تحمل مسؤولية البيت والإنفاق على أخيه الأصغر -اسلام- الذى يدرس تجارة بجامعة عين شمس...
إنه محمد أحمد شحاته شرف، أحد أبطال الثورة، الذي خرج في المظاهرات منذ إندلاعها حاملا معه الكثير من الأحلام التي يتمناها لوطنه ولأسرته ولكن فقد الحلم هويته لأن صاحب الحلم أصبح فاقد للذاكرة!! فى مستشفى معهد ناصر يرقد محمد ومعه والدته وأخوه وأقاربه الذين يعملون على خدمته حيث أن محمد يتحرك بصعوبة بالغة نتيجة ضربه بالرصاص الحي فى المخ.
تقول والدته "إحنا أصلا من أشمون في المنوفية لكن ابني ووالده هنا فى القاهره عشان الشغل، ولمّا المظاهرات بدأت طبعا كنت خايفة عليه لكن هو كان بيقول إن البلد دي عائمة على فساد ونزل لوحده من غير ما يقول لي". وأضافت "ابني نزل في يوم جمعة الغضب ومارجعش، قعدت 14 يوم أدور عليه وأنا ماعنديش أمل أنه لسه عايش، كنت بدور على جثته لحد ما عرفنا من الأخبار، مركز الطبى فى الأول أخذه عشان لاقوه فى حديقة المركز، يعنى هما ماخدهوش جدعنه، هما اضطروا، وفضل في الرعاية لمدة 60 يوم تقريبا لحد ما المستشفى خرجته عشان يوفروا سرير تكلفته بـ 4 ألاف جنيه، والستشفى قالت "علاجه خلص" ورفض مدير المستشفى اللواء رضا جوهر بقائه واتنقل بعد كده للمركز الطبي التأهيلي (خاص بالعلاج الطبيعي) لمدة 15 يوم، وعشان ده مش تخصصهم حالته سائت أكتر". وشكرت الأم المركز التأهيلي لأنهم لم يقصروا معها.
والدته قالت إن بعد كده تم نقله إلى مستشفى حدائق القبة ودرجة حرارته 41 لكن مفيش أى إسعافات تمت له، لحد ما دكتور مصري "اسمه محمود حماد" وقال لأم محمد "هاتيه مستشفى معهد ناصر" وركب له صمام في المخ، وكان في دكتور تاني نازل من النمسا أجرى لمحمد عملية آخرى. وهنا تسائلت الأم، "ازاى وهو لسه تعبان كده ومحتاج عنمليات، يقوم اللواء رضا جوهر بإخراجه؟! وبسببه حالة ابنى تدهورت ومش هيرجع طبيعى تاني لأنه فضل لمدة 15 يوم بلا علاج وأهو فاقد للذاكرة وعنده شلل رباعي".
ولما سألناهم بتدفعوا فلوس؟ قال "طلبوا مننا من يومين ألف جنيه، وواحدة زوجة واحد هنا عملت لهم مشكلة وقالت لهم إزاى يدفعوا فلوس.. المفروض يتعمل لهم قرار" وأكملت أم محمد " ما أعرفش بقى وإحنا خارجين هيطالبونا بفلوس ولا لأ"!!
محمد أصابته رصاصة وخرجت من الجهه المقابلة لذلك وأجرى حتى الآن عمل 5 عمليات، تتابع والدته "ابنى الناس والجيران كلهم كانوا بيحبوه وبيتمنوا أخلاق ولادهم تكون زى أخلاق محمد، لما اتصاب ماكنش في حاجه في جيبه إلا الموبيل والمصحف".
والدة محمد بتقول أن أحلامه قبل ما الثورة تقوم كلها عن الغلابة وعن العيشة الضنك اللى هما عاشينها، "ده لما كان بيقبض كان بيطلع من فلوسه للناس الغلابة" وقالت كمان" أنا مش ندمانه إن ابني نزل، لكن هندم في حالة واحدة بس، وهى لو ماتمش حكم عادل" وأضافت "وقتها هبعت أخوه وأنا هكون معاه مش العادلي ضربهم في التحرير؟ نفسي يقف في التحرير ويضرب زيهم"!!
أم محمد بتحلم إن الرئيس القادم يكون خادم للشعب، "عايزة رئيس يكون ركب أتوبيس، وأكل فول وطعمية، يكون له شباب وماتعينتش، أنا ابني معاه بكالرويس وبيشتغل فى محل حواوشي، لازم يكون رئيس عادل وبيخاف ربنا وعنده ضمير، وعندهم صدق وأمانة".
اسلام اخوه قال "محمد كان عاملة معايا أحلى واجب، مفيش حاجه كنت بطلبها إلا ويجبهالي" وأضاف "لما بقوله أنا أخوك وأسيبه وأمشي، بينساني تاني، لكن الحاجة الوحيدة اللي محمد مش بينسها هو لبس الميري والشرطة، لما بيشوفهم بيتفزع، ده غير إنه بيرفض الأكل والعلاج، يعني وإحنا داخلين المعهد ومحمد كان نايم على "الترولي" شاف واحد منهم فاتفزع وخاف وتكررت هذه الواقعة أكثر من مرة". اسلام قال أن محمد باقي له عمليه واحدة وهتتعمل خلال 6 أو 7 شهور لما صحته تتحسن شويه".
تحقيق: ساره محمود
نشر في مجلة كلمتنا عدد يونيو 2011 (العدد الرابع بعد الثورة)
No comments:
Post a Comment
ياقاريء خطي لا تبكي على موتي
فاليوم أنا معك وغدا في التراب
ويا مارا على قبري لا تعجب من امري
بالأمس كنت معك وغدا أنت معي
أموت ويبقى كل ماكتبته ذكرى
فياليت كل من قرأ خطي دعا لي