بعد خطاب تنحى الرئيس، الناس كلها نزلت الشارع تعبر عن فرحتها.. منهم من احتفل بسماع الأغانى الوطنية، ومنهم من كان احتفل بالدعاء والصلاة، منهم من احتفل بتنظيف الميدان والشوارع المجاورة، ومنهم من كان احتفل برسم صور تعبيرية وكاريكاتورية، ومنهم من كان يحتفل مع أرواح الشهداء، فيقرأون لهم الفاتحة ويكتبون أسماءهم على لوحة كبيرة تحتوى أسماء 200 شهيد على الأقل..
قابلنا عم حسن عبد الرحيم، عامل نظافة، وكان راكب عربية "الهيئة العامة لنظافة وتجميل القاهرة"، عم ياسر قال لنا "الحمد لله إننا انتقلنا من عهد مظلم إلى عهد مليان نور وحرية وكرامة، ومن البداية كنّا من مؤيدى الثورة"، وعن الخطوة القادمة اللي لازم ياخدها الشعب قال "لازم مطالب الشعب تتحقق كاملة فى حل مجلس "التزوير" وليس مجلسى الشعب والشورى، حتى يحكم الشعب نفسه"، وعن رأيه فى شباب الثورة، قال "شكرا إنكم حققتم هذا النصر ولكن المرحلة المقبلة أشد خطورة وصعوبة من المرحلة السابقة، خليكوا بنفس الروح والتعاون فى كل مجالات العمل، لأن ده هيكون بداية الثورة ونقطف ثمارها من الكرامة والعزة التي فقدنها كثيرًا".
وبعد عم حسن، قابلنا الطفلة سلمى اللي في 6 ابتدائي، وقالت لنا "أنا حاسة إنى فرحانة لأن خلاص مش هيكون فيه سرقة أو فلوس ناس بتتاخد ظلم". شفنا عم إبراهيم اللي عنده 60 سنة، كان قاعد في وسط الميدان بيبيع أعلام مصر، قال لنا إنه هنا فى الميدان بيسترزق عشان أولاده، وكان أغلب كلامه مصحوب بكلمة الحمد لله، و "إن شاء الله العملية تتصلح".
وقبل المغرب بشوية لقينا زرعة كبيرة فى طريق مخيمات الميدان، فى الأول افتكرناها من أجل تزيين الميدان فقط، ولكن بعد ما اتكلمنا مع صاحبها، أحمد عادلى، قال لنا حاجه تانية خالص، "أنا لقيت الزرعة دى فى مكان حوالين الميدان فى وسط مجارى، فهل الأفضل إنها تبوظ وتترمى، ولا ننظفها ونحطها عند صور الشهداء؟" وعن الأسباب اللي دفعته لده، قال إن "مفيش محل ورد قريب هنا أجيب لهم ورد" وقال في النهاية بقلب حزين "ربنا سبحانه وتعالى يرحمهم بس حقهم رجع لهم".
عند أكبر لوحة تحمل أسامى الشباب الشهداء، اتكلمنا مع إسلام على الصافطي، اللي كان بيكتب أساميهم، سألناه الموضوع بدأ واتنفذ إزاى؟ قال لنا "إحنا كل يوم بالليل نعمل تجمعات وحلقات عشان نقترح على بعض أفكار، وأهالي الشهداء بيجوا يقعدوا معانا عشان نقرر إزاى هنكرمهم في الميدان اللي استشهدوا فيه، بنجيب صورهم وفريق الفوتوشوب مسئول عن إنه يزيّن الصور"، وعن الفترة اللي أخدتها اللوحة قال "ما أعتقدش إنها أخدت فترة كبيرة لأن إحنا مجموعات، فيه ناس مسئولة عن تجميع المعلومات، وناس تانية مسئولة عن عملها، وعن تعليقها". وعن كيفية معرفة أسامي الشهداء، قال إسلام "بيجيبوا صور ليهم قبل وبعد الوفاة، وبيكونوا معروفين ومتكرمين فى البلد بتاعتهم، لأن المكتوبين من مصر كلها".
وعندما كاد الليل يسدل ستائره على الميدان، شفنا مجموعة شباب وبنات عاملين دروع بشرية، ولما سألنا مريم عبد الرحيم قالت: "عشان الشباب اتطوعوا وجابوا دهانات من مالهم الخاص، ودهنوا الرصيف، فلازم نعمل درع عشان نمنع الناس من المرور على الرصيف لحد ما ينشف، وكل ده عشان نورّى الناس إننا بنحافظ على بلدنا"، أما مها فقالت: "أنا حاسة بالفخر والنصر، وبقول للشهداء إنكم بدمائكم الطاهرة حررتوا البلد، وإحنا بعرقنا هنبنيها".
No comments:
Post a Comment
ياقاريء خطي لا تبكي على موتي
فاليوم أنا معك وغدا في التراب
ويا مارا على قبري لا تعجب من امري
بالأمس كنت معك وغدا أنت معي
أموت ويبقى كل ماكتبته ذكرى
فياليت كل من قرأ خطي دعا لي