ما بين ورقتين على واجهة المحل، واحدة بتعلن عن منتجات، والتانية عن "مطلوب آنسة للعمل"، تلاقى ورقة مش متعودين عليها، ولسّه أول سنة نشوفها، مكتوب عليها "لا توجد كتب خارجية".
الفجّالة .. والكتب الخارجية
لا شك إن غالبيتنا سمع عن قرار وزير التربية والتعليم، الدكتور أحمد زكى بدر ، الذى صدر من ثلاثة أشهر تقريبا، وهو التزام الطالب بالكتاب المدرسي، وعدم الحصول على أى كتب غير مرخصة من الوزارة ، ولكن مع دخول الدراسة، المشكلة بدأت تتفاقم، وخاصة فى أشهر الأماكن بالقاهرة والمختصة ببيع الكتب والأدوات المدرسية.. الفجّالة.
الفجّالة كعادتها زحمة زى كل سنة، وإن كانت الزحمة السنة دى قليلة عن كل مرة، إلا إنها مازالت تكتظ بالعديد من الأهالى والطلاب، ولما نزلنا تانى أسبوع من شهر سبتمبر ، الناس كانت زى النمل والعربيات كانت بتمشي في الشارع بالعافية زى السلحفاة ولكن .. بعد ما الحكومة صادرت كتب كتير من مكتبات ظبطتها متلبّسة ببيع الكتب الخارجية، المكتبات دي قفلت أبوابها، واترفع عليها قضايا كتير، مع إن نفس المكتبات دى -قبل ما الحكومة تتدخل- كانت بتكتب على واجهاتها "لا توجد كتب خارجية" لكن لما تروح تلاقى طوابير قد كده ، وطابور للرجال والتانى للسيدات وكله بيسأل على كتب خارجية!
رأى أصحاب المكتبات
في المرة التانية لما نزلنا الفجّالة، الإقبال على الكتب الخارجية كان أقل، وده اللي قالهولنا الأستاذ حمدي الغرباوي ، العامل بإحدى المكتبات، وقال "السبب إن الحكومة كانت هنا من 5 أيام تقريبا، وعشان كده الدنيا هادية ومكتبات كتيرة اتقفلت" ولما سألناه: منين نشترى كتب خارجية؟.. "قال أنا مش ببيع غير أدوات مدرسية" وقال لنا كمان "بسبب الأزمة دى الصحفيين كلهم هنا"، فزميله دخل فى الكلام وقال "هنتشهر يا جدعان"!
وقالت إحدى العاملات فى مكتبة تانية، لما سألناها عن الكتب الخارجية، وعلى وشها علامات الاستنكار "مفيش كتب خارجية"، ولما عرفت إن إحنا بنعمل تحقيق قالت "أنا تقريبا كده مابحبش الصحفيين"! وهكذا الحال تقريبا مع كل العاملين وأصحاب المكتبات، فالكتب الخارجية دلوقتى بقت تقريبا زي المخدرات!!
رأى أولياء الأمور
ابتدينا بـ أ.منى محمد حسنى ، اللي كانت واقفة في إحدى المكتبات بتسأل على كتاب خارجي، وهى جدة بتذاكر لأحفادها، عشان والدهم متوفى، ووالدتهم مسافرة، وقالت: "من غير الكتب الخارجية مش هعرف أفهّم أحفادي"، ولمّا سألناها: ليه؟ قالت "عشان الكتب الخارجية فيها شرح مفصّل عن كتب المدرسة، وكمان عشان أنا جدّة فالمنهج دلوقتى غير زمان، فأساعدهم إزاى ومفيش مصدر أشرح لهم منه؟!"
أما مدام ناهد، فمن القلة اللي وافقت على قرار وزير التربية والتعليم ، وقالت "كده أحسن والسبب إن الطالب هيبذل مجهود أكتر ويسأل عن المعلومة، أما الكتاب الخارجى فالمعلومة هتجيله على الجاهز من غير ما يعمل أى مجهود"، فسألناها "وأولادك إيه رأيهم في كده؟ قالت"أولادي في سنة أولى ورابعة ابتدائي، والموضوع بالنسبة لهم مش مشكلة غير بس فى الأسئلة والتمرينات"، وأنهت كلامها بـ "كتاب المدرسة أفضل".
بعد كده، قابلنا سيدتين، شفناهم خارجين من كذا مكتبة، وكل مرة يخرجوا وهم حاسين بالضيق، فقلنا لها "إحنا بناخذ رأى الشارع في الموضوع ده و.." وقبل ما نكمل كلامنا قالت "رأى الشارع زفت"! فلما حبنا نتعرف على اسمها، قالت "مش مهم الاسم المهم اللي هقوله ، وقالت "أنا بنتى فى 3 ابتدائى والرياضيات بتحتاج أسئلة ونماذج كتيرة، لكن أجيبهم منين دولقتى والكتب اتمنعت"؟ وأضافت "البنت بترجع من المدرسة حالة التمارين اللي في الكتاب مع المـُدرسة في الفصل، بس هتحل نماذج تانية منين؟ وعشان كده، البنت على طول قاعدة فاضية مابتعملش حاجة ولا بتذاكر ، يا إما نايمة يا إما على الكمبيوتر"!
وكان رأي زميلتها مايختلفش كتير عنها، وقالت "بقى لنا يجي عشرين سنة متعودين على سلاح التلميذ والأضواء ، كفاية شرح النحو اللي مكتوب فيهم، مش معقولة كده يمنعوا الكتب كلها مرة واحدة، لازم يكون فيه تمهيد"! وبدين قالت: "أنا دفعت مصاريف الدراسة كاملة، ولسه كتاب الرياضيات وخداه إمبارح، أما كتاب المستوى الرفيع فلسّه ما استلمتهوش"!
ونفس السيدتين اتفقوا على نقطة وهي"لزمتها إيه الأنشطة اللي بيعملوها؟ لزمته إيه تقعد تقطع صور وتلزق وتقص؟ ما الصور فى الكتاب، يبقى إيه الإضافة؟ وكمان هم أولى بالوقت ده عشان يذاكروا، إحنا اللي بنعمل الأنشطة دي بدالهم عشان هم يعرفوا يذكروا!!"
ولما قلنا لها رأى مدام ناهد، قالت"الواحدة مننا بترجع من شغلها الساعة 6 المغرب، يبقى هتلاقى الوقت منين إنها تقعد تدوّر على المعلومة لابنها؟ ده غير إن الولد مش بيدوّر على المعلومة عشان يتثقف"! وختمت هى وزميلتها الكلام بـ"دى حاجة غريبة، أول وزير يعمل كده، مش معقولة يعنى السنة اللي فاتت إنفلونزا الخنازير والسنة دى كتب خارجية"!